الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
لقد تعلمنا من مشايخنا وعلمائنا أهمية التزكية، وأنها مدار النجاح والفلاح، فلا ينفع علم ولا عمل بلا صلاح في قلب الإنسان وطهارة في نفسه، (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها).
وعلمنا القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم بُعِثَ ليعلم الناس ويزكيهم (ويزكيكم)، وجعل الله للأنبياء ورثة يحملون هذا التخصص وهذا الجانب، ويَدْعُون إليه، ويُرَبُّون عليه.
وفي أزمان سابقة كان الطالب الراغب في السلوك إلى الله قد يحتاج إلى السفر من بلد إلى بلد، ليجد المربي، ويجلس بين يديه، يتعلم ويتعبد ويتأدب، وأما اليوم فنحن في زمان تقاربت فيه المسافات، من خلال أدوات التواصل الحديثة، وكَثُرَت الراغبون في السلوك مع العجز عن الصحبة والملازمة التربوية، لكثير من الراغبين الصادقين، فكان لا بد من الاستفادة من التطور التكنولوجي وأدوات التواصل وبرامجه، لتقريب ذلك، وتعويض بعضه؛ إن فات كله.
ومن هنا كانت فكرة هذا التطبيق، لتكون واسطة التواصل، بين شيخ وتلميذ، وسيلة للتذكير، تعرِّف بمراحل السلوك، وتتابعها، بشكل ييسر على الشيخ أن يحصي تلاميذه ويتابعهم، فبعض المشايخ لديه مئات التلاميذ أو ألوف، ولا يستطيع أن يتابعهم جميعاً ولا أن يتعرف على أحوالهم، فهذا التطبيق يساعد الشيخ في توجيه الطالب ومعرفة أحواله، ومعرفة المتقدمين من المبتدئين، والمجتهدين من المقصرين، كما يتيح للتلميذ السالك أن يتواصل مع شيخ، ويسأل عما يحتاجه في سلوكه، ويستمع إلى دروسه ودروس أمثاله، ويقرأ كتبه أو كتب أئمة التزكية، كما يتيح للسالك أن يترقى في مراحل السلوك، من غير أن يأخذ من وقت الشيخ المربي، الذي قد لا يستطيع أن يعطيه من وقته لكثرة الطلاب وكثرة مشاغل الزمان وواجباته وتعقيداته.
ولقد تتلمذت على والدي رحمه الله وعدد من مشايخ التصوف السُّنِّي، وتعرفت على وسائل التربية عندهم، التي ورثوها من أئمة الطرق الصوفية المعتبرة، التي أقرها علماء أهل السنة وأقروا مناهجها، والتي نجحت في تربية الملايين عبر التاريخ، فرغبت أن أستفيد من تلك الخبرات، لأقربها إلى السالكين، وأستفيد من كل طريق ما رأيته حسناً ونافعاً، مع موافقته للشريعة الغراء، واستناده إلى الكتاب والسنة، بفهم السلف والأئمة المجتهدين، وتطوير ذلك في حلة تتناسب مع برمجة التواصل، لننتفع لآخرتنا من دنيانا.
ورغبة منا في تعميم الخير؛ نجعل هذا التطبيق متاحاً لأي شيخ، بعد الرجوع إلى عدد من المشايخ في تزكيته، ليختار طريقته الخاصة في تربية طلابه ومريديه، وأورادهم، ومتابعتهم.
ولقد كنت أتابع عدداً كبيراً من الطلاب في أورادهم وأحوالهم، فوجدت ضيقاً في الوقت، وحاجة إلى الاستعانة بوسيلة تسهل علي المتابعة، وتسهل على الطالب تناول الأذكار والأوراد والإرشادات، من غير أن يتأخر عليه الشيخ المربي، أو ينشغل عنه، ويتحقق المقصود على أكمل وجه، من تذكير وتعليم وإرشاد ومتابعة.
فتباحثت مع بعض الإخوة في هذا الشأن فبرزت فكرة هذا التطبيق، وعملت على تطوير أفكارها أكثر من سنة، لنصل إلى هذا التطبيق بهذه الحلة الحسنة، بتعاون من أهل الخير والعاملين المخلصين الراغبين في نفع الأمة وخدمة المربين وعون السالكين.
إن عجز المشايخ عن متابعة عدد كبير؛ جعل التصوف الصالح منحصراً على فئة قليلة في مجتمعاتنا، وجعل كثيراً منه مجهولاً وغريباً لعدم القدرة على المتابعة العلمية والإرشادية، فكان هذا التطبيق يدل الطالب على المواد العلمية التي يحتاجها لبناء علم التزكية والتربية، وفهم التصوف المعتبر عند أهل الإسلام وعلمائهم المُوَقَّرين.
فكان هذا التطبيق يرتقي بالطالب عملاً وعلماً وحالاً بإذن الله.
مع حرص القائمين على إنتاج هذا التطبيق المجاني أن يكون سهل الاستخدام، واضح المعالم، فجزاهم الله خير الجزاء، وجعله نوراً في صحائفهم.
(اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها)
نفعني الله وإياكم بهذا العمل المبارك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته